الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك logo من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.
shape
فتاوى عن المرأة
4146 مشاهدة print word pdf
line-top
الأحكام الشرعية للمرأة

وأما ما يتعلق بأحكامها الشرعية فبلا شك أنها مثل الرجل في غالب الأحكام، فتجب عليها الصلاة كما تجب على الرجل، وكذا الطهارة بأنواعها، وتختص بأمور تتعلق بها كنجاسة دم الطمث ودم النفاس ونحوه وما يتعلق بذلك، وتختص أيضا بأشياء تتعلق بالمناسك ككونها تلبس ما شاءت من اللباس، والرجل لا يلبس في الإحرام إلا إزارا ورداء ويكشف رأسه، وذلك كله دليل على أن الشرع كما بين الأحكام التي تتعلق بالرجال فقد بين ما يتعلق بالنساء.
وكذلك ورد ذكرهن في الأعمال الصالحة في الآخرة، فلما قالت عائشة يا رسول الله، لا أرى أن الله يذكر النساء. فقرأ عليها -أو أنزل الله- آيات تتعلق بالنساء مع الرجال مثل قول الله تعالى: فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى فنص على الذكر والأنثى، وأن الله لا يضيع عمل كل منهما. ومثل قول الله تعالى: إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ إلى آخر الآيات حيث ذكر ثوابهم جميعا بقوله: أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ولما تمنت إحدى النساء أن تكون مثل الرجال فيما يكتسبون وفيما يعملون من الأعمال أنزل الله قوله تعالى: وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ فلكل منهم نصيب مما كسب.
ولا شك أيضا أنها تؤجر على نيتها، فإذا فاتها شيء من الأعمال التي يعملها الرجال وهي تنوي أن تكون مثل الرجال في ذلك العمل فلها نيتها والأعمال بالنيات، وقد سئل بعض السلف؛ هل للحائض والنفساء حظ في ليلة القدر إذا لم تتمكن الحائض من الصلاة فيها لحيضها؟ فقال: نعم لها حظ منها بقدر النية. إذا وافقت ليلة القدر وهي لا تقدر أن تصلي ولا أن تقرأ لكونها عليها هذا العذر، ولكنها تنوي وتعزم على أنها مشاركة في الأعمال الصالحة بنيتها، وبما تقدر عليه من الذكر ومن الدعاء ونحو ذلك؛ كان لها نصيب مثل غيرها، وهو المغفرة الذي ذكره بقوله صلى الله عليه وسلم: من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه وبكل حال الأحكام التي تتعلق بالمرأة ظاهرة ومشهورة.
ونتوقف على هذا، ونستقبل الأسئلة التي تختص بالنساء والتي تورد في هذه الليلة إن شاء الله، والله أعلم، وصلى الله على محمد .
س: تقول بعض السائلات حول مسألة المَحرم: وهل يشترط فيه البلوغ والتمييز أم ما؟ أفتونا مأجورين.
الأصل أنه يشترط. إذا احتيج إلى سفر فإنه يشترط أن يكون بالغا عاقلا المَحرم الذي في السفر، ولكن كان هذا في الوقت الذي يطول فيه السفر وتكون فيه الخلوة؛ يعني كان السفر قديما تسافر المرأة وتقطع مسافة طويلة كعشرة أيام أو عشرين يوما بين البلدين، وفي تلك الحال لا شك أنها تتعرض لقطاع وتتعرض لمهازل، وتتعرض لفلوات ومفازات طويلة، فيخاف عليها أن تضل، ويخاف عليها أيضا أن يقتطع عليها، وأن يعتدى عليها إذا كانت خالية.
ومع ذلك أجاز بعض العلماء إذا كان السفر قصيرا أن تسافر مع نسوة ثقات، أجاز ذلك المالكية، مع أن السفر عندهم إلى الحج يستغرق أشهرا وأغلبه في السفن. ولكن الجمهور على أنها إذا لم تجد محرما في الحج أنه يسقط عنها الحج لعذرها، ولكن في هذه الأزمنة قربت المسافات وقلت الأخطار وكثر الأصحاب والمرافقون وصاروا أقرب إلى الأمان؛ فتساهل كثير من العلماء بالفتوى في ذلك، وأجازوا لها أن تسافر مسيرة ساعات مع صبي صغير ولو في العاشرة أو دونها، إذا كان معها نسوة ثقات ورفقة مأمونون، والمسافة ساعات أو نحوها سواء في الطائرة أو في السيارة، فأجازوا ذلك من باب التسهيل على المسلمين؛ لأنها قد لا يتيسر لها أن تجد من يذهب بها وتكون مضطرة.
فمثلا السفر في الطائرة في داخل المملكة إذا كان معها نسوة ثقات، وكان محرمها يأتي بها إلى المطار، والمحرم الثاني يتلقاها بعد أن يتصل به، فإن هذا يتسامح فيه إذا كان هناك حاجة ماسة، فإن لم يكن هناك حاجة أو استطاع الولي والمحرم أن يذهب معها لزمه الذهاب معها. وأما في السيارات فإذا كانت المسافة ساعتين أو ثلاث ساعات في السيارة أو نحوها وكان معها نسوة ثقات، ومعها محارم لها ولكنهم دون البلوغ وفوق التمييز أي فوق السابعة، فلعله أيضا يكتفى بذلك لقصر المسافة.
ولأن الأحاديث التي وردت فيها ذكر اليوم في قوله: لا يحل لامرأة مؤمنة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة ثلاث ليال إلا مع ذي محرم والرواية الثانية: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يومين والرواية الثانية ...: مسيرة ليلة فلما جاءت بهذه: مسيرة يوم أو مسيرة ليلة أو يومين، يعني: قدرت المسيرة باليوم، اكتفي بنصف اليوم أو ثلث اليوم؛ لأن ذلك مما يتساهل فيه، مع الحرص على التحفظ.
س: وأسئلة وردت حول ما يسمى بسلس البول أو البول المتقطع الذي يصيب بعض الناس، ويقولون: ما حكم الصلاة مع ذلك؟ وهل أكتفي بالفريضة فقط؟
هذا المرض يصيب الرجال ويصيب النساء، وقد وقع لبعض الصحابة كزيد بن ثابت رضي الله عنه لما أسن أصيب بسلس البول، فكان يعني يتأذى به وهو في الصلاة، ولكنه لا يقطع الصلاة، فذكر العلماء أنه إذا كان به سلس البول، ومثله القروح السيالة التي لا تتوقف، ومثله في النساء الاستحاضة المرأة التي لا يتوقف عنها الدم وهو دم الاستحاضة، أن صاحب هذا العذر يسمى حدث دائم، فعليه أن يتوضأ لوقت كل صلاة، ولا يصلي فريضتين بوضوء واحد في وقتين إلا أن تكون مجموعتين في وقت.
فإذا دخل وقت الظهر توضأ لها، وما دام لم ينتقض وضوءه فله أن يصلي نوافل، ويتطوع ويقرأ في المصحف ونحو ذلك، إلى أن يدخل وقت العصر فيتوضأ لها وضوءا، ولو لم يُحدث إلا هذا الحدث الذي هو سلس البول أو الاستحاضة. وهكذا إذا توضأ للعصر بقي على وضوئه يقرأ وهو ينتظر الصلاة، فإذا دخل وقت المغرب توضأ لها، ولا يكتفي بوضوئه لصلاة العصر، بل يتوضأ لها بعدما يؤذن، وهكذا يتوضأ للعشاء ويتوضأ للصبح. وإذا خرج وهو في نفس الصلاة فلا يضره، وإذا أصاب ثيابه أو أصاب جسده فلا ينجسه، ولكن عليه بعد ذلك أن يغسل ما أصابه للوقت الثاني أو أن يتحفظ.
المرأة في إمكانها أن تتحفظ بلبس ما يسمى بالحفائظ التي تمسك ذلك الدم أو تمسك تلك النجاسة، والرجل بإمكانه أن يتحفظ أيضا بأن يجعل على ذكره مثلا في باضة أو نحوها تمسك ذلك التقاطر حتى لا يلوث ثيابه أو بدنه، ثم بعد ذلك يزيل النجاسة ويتجدد للصلاة الأخرى. والقروح السيالة أيضا إذا دخل في الصلاة في إمكانه أن يجعل عليها قطنة أو شاشة تمسك ذلك الصديد الذي يسيل منها، وعلى كل حال هذا من شرطه كما قلنا أن يتوضأ لكل صلاة.
س: ما قول فضيلتكم في المرأة تحيض بعد مغيب الشمس في رمضان وقبل أن تفطر ؟
يتم صيامها، يعني معلوم أن تمام الصيام يكون بغروب الشمس ولو لم يؤذن المؤذن، إذا تحقق غروب الشمس فقد تم الصيام وجاز للصائم أن يفطر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا أقبل الليل من هاهنا وأدبر النهار من هاهنا وغربت الشمس فقد أفطر الصائم ؛ يعني حكما وإن لم يتناول، فإذا غربت الشمس وتحقق غروبها كمل صيام المرأة، فإذا حاضت بعد ذلك فلا تقضي ذلك اليوم لتمامه، أما إذا حاضت قبل الغروب ولو بدقيقة فإنها تقضي ذلك اليوم؛ لأنه لم يتم ولأن الحيض مفسد، مفسد للصيام.
س: وإذا شكت هل هو قبل المغرب أو بعده؟
وإذا شكت فإنها تقضي، إذا شكت في ذلك الخارج فإنها تقضي، هل هو خرج قبل الأذان أو بعده؟ فالاحتياط القضاء.
س: أيضا عن الحائض تطهر مثلا بعد العصر أو بعد صلاة العشاء ؛ فهل تصلي الظهر والعصر أو إذا كان بعد العشاء تصلي المغرب والعشاء؟
نعم. إذا حاضت في آخر صلاة تُجمع مع ما قبلها قضت الصلاتين، وإذا كانت الصلاة لا تجمع مع ما قبلها قضت الصلاة، وإذا حاضت في غير وقت صلاة فلا تقضي شيئا؛ فالظهر والعصر يجمعهما من له عذر كالمسافر والمريض ونحوهما، فإذا حاضت بين الصلاتين قضت الظهر إذا طهرت، إذا طهرت قبل العصر قضت الظهر، وإن طهرت قبل غروب الشمس ولو بدقيقة قضت الظهر والعصر. فإن طهرت بعد دخول وقت المغرب لزمتها المغرب. فإن طهرت في آخر الليل قبل طلوع الصبح لزمتها الصلاتان المغرب والعشاء؛ وذلك لأنها أدركت آخر وقت تجمع فيه الصلاتان، وإن طهرت قبل طلوع الشمس قضت الفجر وحدها، وإن طهرت بعد طلوع الشمس أو في الضحى فلا تقضي شيئا.
وهذا مأثور عن الصحابة رواه ابن أبي شيبة في المجلد الثاني في حدود صفحة ثلاثمائة وستة وعشرين عن مجموعة من الصحابة كابن عباس وعبد الرحمن بن عوف وغيرهما، ولا يقولون ذلك إلا بدليل، وهذا بالنسبة إلى الطهر. أما بالنسبة إلى الحيض فإنها تقضي الوقت الذي أدركته أدركت أوله، فإذا حاضت بعد أذان الظهر قبل أن تصليها بقيت الظهر في ذمتها، تقضيها إذا طهرت بعد خمسة أو ستة أو سبعة أيام ونحوها. وإذا حاضت بعد دخول وقت العصر بقيت العصر في ذمتها، وكذا إذا حاضت بعد أن غربت الشمس وقبل أن تصليها قضتها بعدما تطهر صلاة المغرب، وكذلك إذا حاضت بعدما أذن للعشاء وغاب الشفق قضت صلاة العشاء متى طهرت؛ فالحاصل أنها تقضي وتحتاط حرصا على أداء العبادة التي هي فريضة ولازمة للمكلف.
س: وأسئلة أيضا تدور حول زكاة الحلي الذي تلبسه المرأة للزينة ما قول فضيلتكم بذلك؟ وكيف تخرج؟
قد اختلف فيها مشائخنا، فمنهم من يرى أن فيها الزكاة، ومنهم من يرى أنه لا زكاة فيها، والمشهور عند الفقهاء أنها لا زكاة فيها لأنها لا تنمى، وهذا يختاره شيخنا الشيخ محمد بن إبراهيم والشيخ عبد الله بن حميد رحمهما الله وعليه كانا يفتيان. والقول الثاني: أنها تزكى، ويختاره شيخنا الشيخ عبد العزيز بن باز والشيخ محمد بن عثيمين يختارون أنها تزكي حليها إذا بلغ النصاب، ويقدر النصاب بنحو أحد عشر جنيها ونصفا، إذا كان هذا الذهب عندها بهذا المبلغ بهذا القدر فإنها تقومه وتزكي قيمته.
وهذا هو الذي نفتي به وذلك لقوة الأدلة، فإن هناك أحاديث مرفوعة حديث عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن امرأة دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وفي يد ابنتها مسكتان من ذهب، فقال: أتخرجين زكاة هذا؟ قالت: لا. قال: أيسرك أن يسورك الله بهما سوارين من نار؟! فألقتهما فقوله: تؤدين زكاة هذا المراد الزكاة الشرعية. كذلك حديث عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى عليها فتخات من فضة، وقالت: إني أتحلى وأتجمل بهن لك. فقال: هل تؤدين زكاتهن؟ قالت: لا. قال: هما حظك من النار -أو كما قال- فأخرجت زكاتهما .
فهذان حديثان ثابتان، والأصل أن الزكاة إنما تطلق على الزكاة المالية، التي هي إخراج ربع العشر، وعلى كل حال فكل من المشايخ له نظره وله اجتهاده، وقد كتب فيها أيضا كثير من المشايخ رسائل، وكل منهم يختار الذي يميل إليه.
أما كيفية إخراج الزكاة فإنها تقدر، تقدر بقيمتها الذي تساويه الآن، فالمرأة مثلا إذا كان عندها مثلا من الذهب ما يبلغ خمسمائة جرام سألت من يبيع الذهب: بكم تشتري هذه الخمسمائة التي عندي وقد استعملتها؟ فإذا قال: قيمة الجرام كذا وكذا. قدرت كم عندها من الجرامات، وعرفت قيمتها، وأخرجت زكاة القيمة، نعم.
س: يقول صلى الله عليه وسلم: نساء كاسيات عاريات على رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يجدن ريح الجنة ما هو التفسير الصحيح لذلك؟
هذا الحديث رواه مسلم وغيره، قال صلى الله عليه وسلم: صنفان من أمتي لم أرهما بعد: رجال معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات، مائلات مميلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يجدن رائحة الجنة .
شرح العلماء هذا الحديث بما ظهر لهم، فالذي اختاره أكثر الشراح أن قوله: كاسيات عاريات محتمل أنهن كاسيات من نعم الله عاريات من شكرها، فتكون الكسوة والعري معنيين بالمعنى لا باللفظ، كسوة بالمعنى.
والقول الثاني: أنهن كاسيات؛ يعني عليهن ألبسة ولكن تلك الألبسة إما ضيقة وإما شفافة رقيقة بحيث لا تستر ما تحتها، فتكون كاسية؛ يعني عليها هذا الثوب ولكنها شبه عارية؛ لأن ذلك الثوب لضيقه يبين تفاصيل جسدها، فتبين منه مثلا ثدياها وصدرها ومنكباها وعنقها وعضداها ونحو ذلك؛ يعني تتبين أعضاؤها لضيق ذلك الثوب فكأنها عارية، وإذا كان الثوب شفافا يعني رقيقا فإنه يشف عما تحته، فيرى جسدها ويرى بياضه أو سواده أو حمرته أو نحو ذلك كأنها عارية، فهي كاسية بهذا الثوب ولكنه ليس بساتر.
وأما قوله: مائلات مميلات ؛ فالمراد أنهن مائلات إلى الباطل وإلى الهوى وإلى المنكر أو الفحش ونحو ذلك، مميلات غيرهن؛ يعني من رآهن مال إليهن سواء كان من الرجال أو النساء؛ فالنساء يقلدنهن ويفعلن كفعلهن فكأنهن سبب في ميلهن، والرجال إذا رآهن من هو قليل الإيمان مال إليهن لممازحة أو معاكسة أو نحو ذلك، فيكون هنا مائلات مميلات الميل هنا ميل معنوي. وقيل: إنه ميل حسي، بمعنى أنها إذا مشت فإنها تتمايل، يعني تتثنى يمنة ويسرة.
وذلك بلا شك من صفات المتكبرين، أو من صفات الدعاة إلى الفحش وإلى المنكر، بمعنى أنها تتمايل وتلتفت يمينا أو يسارا، أو تحني ظهرها أو جنبها حتى تميل غيرها، أو تسبب أن يقتدي بها غيرها. وأما أسنمة البخت ؛ فالبخت هي نوع من الإبل لها سنامان أحدهما أصغر من الآخر، فهذا النوع معروف أنه يصلح له أن يركب، تركب الإبل التي لها سنامان كما تركب التي لها سنام واحد، فشبه رؤوسهن بأسنمة البخت، ولكن فيها ميل، أحد السنامين أصغر من الآخر، فلذلك قال: كأسنمة البخت المائلة .
وفسره بعض مشايخنا بأن المرأة التي تجمع شعر رأسها خلفها، وتجعله أو تمسكه بحزام، ثم تلبس فوقه خمارا رقيقا؛ يخيل إلى من يراها أن لها رأسان، رأس هو الشعر الذي خلفها ورأس هو الحقيقي، فيكون ذلك تشبها أو تقريبا مثل أسنمة البخت، وعلى كل حال المرأة تبتعد عن الصفات التي تلحقها بمثل هؤلاء.نعم.
س: وأيضا جملة من الأسئلة عن لعب الأطفال يعني كالصور من لعب الأطفال، وكذلك المجلات للأطفال التي بها رسوم وصور، وملابس الأطفال التي عليها صور، وأن ذلك كثير ومُشكِل.
ينصح بالبعد عن ذلك. لعب الأطفال التي هي صور حيوانات حقيقية لا يجوز شراؤها لهم؛ وذلك لدخولها في اسم الصور، والتي ورد الأمر بطمسها وبإزالتها، وبأن الملائكة لا تدخل بيتا فيه صورة، فلا يجوز شراؤها لهم ولو كانوا يأنسون بها ونحو ذلك. لا شك أنها صور حقيقية؛ فإنا نشاهدهم يصورون اللعبة التي هي صورة طفل فيصورون له يدين وأصابع وأنامل وأظافر، وقد يحمرون الأظافر تشبها بتحميتها من النساء، كذلك يصورون لها رأسا كاملا، فيصورون لها عينين وأهدابا وفتحة عينين وأنفا ومنخرين وشفتين، ويحمرون الشفتين، ويصورون لها شعرا ويعقصونه خلفها يمسكونه خلفها مثل الشعر الطبيعي.
وكذلك عنقا وكتفين وبطنا وظهرا، وكذلك أيضا قدمين وساقين، فهذه صورة إنسان. فتدخل في الحديث الذي أمر فيه بطمس الصور وبالنهي عنها. وأما ما يحتجون به من أن عائشة لما كانت صغيرة كان عندها لعب، حتى أنها كانت تقتني لعبة وهي صور خيل لها أجنحة؛ فتلك الصور ليست مثل هذه الصور؛ وذلك لأنها هي التي تعملها بيدها، عائشة وهي صغيرة يعني في سن التاسعة وفي العاشرة يعني صغيرة بحاجة إلى شيء تتلهى به؛ فكانت تعمل بيديها تلك اللعب التي تلعب بها وتعبث بها، فتأخذ عودا عاديا وتعرض عليه عودا آخر معترضا وتشده بخيط ثم تجعل عليه خرقة.
فيخيل إليها أن رأسه هو رأس حيوان، وأن يديه معترضتين يدان، ولكن ليس فيه وجه ولا عينان ولا فتحة أنف ولا فتحة فم ولا أذنان ولا تصاوير أو تفاصيل الوجه، وكذلك لا حلق ولا شيء من تكملة الصورة ولا شعر ولا كف ولا أصابع ولا أظافر ولا رجلان، إنما هي عودان تعرض أحدهما على الآخر. فهل يقال: إن هذه صور؟ وإنه يحتج بها على إباحة هذه الصور الحقيقية؟ فننهي عن أن يقتني أحد لأطفاله هذه اللعب، وأن المرأة لا تلزم زوجها بأن يشتري لها هذه اللعب ولو كان الأطفال يأنسون بها. يمكن أن يوجد صور ليس لها أرواح، فيمكن أن يجدوا صورة سيارة مثلا أو صورة طائرة أو صورة أسلحة كبندق أو مسدس مثلا أو دبابة أو غير ذلك. يشتري من هذه الصور ما يلعبون به، وهي مباحة لأنه ليس فيها أرواح، فيجد ما يلهيهم ويشغلهم ويكفيهم عن الصور التي هي صور حيوان محرم الاقتناء.
يعني حتى ولو صورة ذباب أو بعوض، ما دام فيه روح أو صورة شيء فيه روح كدابة مثلا ولو طيرا كعقاب أو حيوان مثلا كذئب أو نحو ذلك، كل ما فيه روح لا يجوز أن تقتنى صورته، وأما ما لا روح فيه كالشجر مثلا أو الجبل أو الصناعات الحديثة كالأقواس أو آلات الرمي أو آلات الركوب الجديدة أو ما أشبهها فلا مانع من اقتناء صورها؛ لأنها ليس فيها روح.
وأما الصور التي في الصحف فلا شك أيضا أن فيها فتنة، وذلك لأنها من الصور المرسومة، تشتمل على صور نساء كاشفات وهن نساء بالغات، فإذا رأتها الصبية أو رأتها الشابة وهي على هذه الحالة من التكشف؛ فإنها تقتدي بها وتتهاون بأمر الحجاب، فلأجل ذلك ننهى عن شراء هذه الصحف. كذلك الرجال أيضا نظرهم في تلك الصور التي فيها نساء متكشفات لا شك أيضا أنه فتنة. وهكذا أيضا الأقمشة أو الثياب التي ترسم فيها الصور، فانيلات مثلا أو سراويلات أو ما أشبهها.
تطبع عليها صورة إنسان برأسه وبوجهه مثلا وبأنفه وبيديه على أكسية الأطفال، وهذا أيضا لا يجوز، والذين وردوه قد أخطئوا في ذلك، والذين أصدروه أو أنشئوه أرادوا بذلك الدعاية إلى تلك الصور، أو أرادوا بذلك تسهيل أمر هذه المشاكل التي هي محرمة، وأن الناس إذا تهاونوا بها شيئا فشيئا سهلت عليهم بعد ذلك، فلا يجوز لك أن تشتري لأطفالك هذه الأكسية التي رسمت عليها هذه الصور التي هي صور حيوان، وهكذا أيضا صور معابد المشركين أو ما يعظمونه كالصلبان وما أشبهها.
في إمكان أن الإنسان يجد غيرها غير هذه الأكسية ولو مثلا أن تشتري أنت القماش وتأتي به إلى الخياط، وتأمره بأن يفصله على ولدك، ويجعل تفصيله كذا وكذا، فتسلم من اقتناء أو شراء هذه الأكسية التي عليها هذه الصور، وتجد ما يقوم مقامها.
س: وردت جملة من الأسئلة عن النساء اللاتي لديهن أزواج لا يصلون -نسأل الله العافية والسلامة- وقد نصحوا مرات ومرات، ويقع منهم جماع وأولاد. فما الحكم في ذلك؟
صحيح أن هذا مما عمت به البلوى وكثرت الشكايات منه، ولا نحصي النساء اللاتي يتصلن بنا هاتفيا وتشتكي زوجها بأنه لا يصلي أو أنه إنما يصلي أحيانا أو لا يصلي مع الجماعة، ومع ذلك تعظه وتنصحه وتكثر من عذله وتوبيخه، ولكنه مصرّ على ذلك أو إذا أحسن المقال دعا لنفسه وقال لها: ادعي الله أن يهديني. أو ما أشبه ذلك ولا يفعل الأسباب، لا يفعل السبب الذي هو دفعُ نفسه إلى هذا العمل الصالح الذي أمر الله به وفرضه.
فنقول لهذه المرأة: هذا الزوج الذي أصر على ترك الصلاة إصرارا كليا لا يجوز البقاء معه، بل على المرأة أن تمنع نفسها منه، وتقول له: ما دمت على هذه الحال تحرم عليك امرأتك؛ لأنك مرتد بذلك، قد عملت عمل الكفار ونحوهم، فلا يجوز لك أن تجامع امرأة مسلمة ولو كانت زوجتك وأنت لا تصلي؛ لأن تركك للصلاة ردة أو كفر يسبب طلاق الزوجة منك إذا كنت مصرا على ذلك.
ولكن كثير منهن تعتل وتذكر أشياء تبرر بقاءها معه، إما كثرة أولادها منه، وأنها لم تعلم الحكم إلا بعد أن ولدت منه ولدا أو عددا من الأولاد، أو أنها رأت منه حسن خلق وحسن معاملة وأنه يقوم بواجباتها ويأتي لها بمطالبها، ويعطيها ما تطلبه ويحسن عشرتها وينفق عليها ويكسوها الكسوة التامة، ولكنه مخل بهذا الأمر الذي هو حق الله تعالى، فنقول: لا يكون هذا عذرا، بل عليها أن تطلب الخلع وأن تفارقه مهما كانت الحالة، وسوف يجعل الله لها فرجا ومخرجا. وربما يكون ذلك إذا أصرت على امتناعها منه وذهبت إلى أهلها، أو تركت ولده عنده إذا كان لها ولد منه أو نحو ذلك.
فإن ذلك يصير منبها له، ويقول: لماذا لا أراجع نفسي؟ لماذا لا أتوب إلى ربي؟ لماذا لا أعلن التوبة؟ ما الذي ترجوه هذه المرأة ولا أرجوه؟ أليس كلنا مكلفا؟ أليس كلنا يخاف الله ويرجو ثوابه؟ ألست أولى بأن أكون مستقيما؟ أنا الذي أولى بأن أنصح امرأتي وأنصح أولادي وأعلمهم، فإني أنا الذي أرعاهم وهم في ذمتي وكل راع مسئول عن رعيته، الرجل راع على أهل بيته وهو مسئول عن رعيته لعله ينتبه ويعود إلى نفسه.
فإن أصر ولم يعد والعياذ بالله فلا يجوز لها البقاء معه، بل عليها أن تطلب الخلع، والطريق إلى ذلك أن تقدم شكاية إلى الشرطة ثم يحيلونها إلى المحكمة، وتذكر أو تأتي بشهود عن حاله من الجيران جيرانهم مثلا أو إمام المسجد القريب منه أو مؤذن المسجد، فيعرفونه ويكتبون لها أنهم لا يرونه يأتي إلى المسجد مع مشاهدته في سيارته عند بابه مثلا، فيكون ذلك مصداقا لقولها.
س: يقول السائل: من المشهور في مذهب الحنابلة أن الحامل والمرضع إذا خافتا على ولديهما أفطرتا وأطعمتا عن كل يوم مسكينا ولا تقضي. ما قول فضيلتكم في ذلك؟
أما كونها تفطر وتكفر فهذا هو المشهور، وأما كونها لا تقضي فهذا ليس بصحيح؛ بل الصحيح أنها تقضي وتطعم، وهذا مروي عن ابن عباس وعليه فسر الآية وهي قول الله تعالى: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ مروي عن ابن عباس وعن غيره من السلف أن هذه الآية باقية لم تنسخ، وأنها إما في حق الكبير الذي يشق عليه الصيام مع كونه يطيقه فيطعم ولا صيام عليه، وكذا المريض الذي لا يرجى برؤه، وإما في حق المرأة. المرأة الحامل والمرضع التي تخاف على ولدها جنينها في بطنها أو رضيعها، تخاف عليه ألا يجد لبنا أو ألا يجد قوتا وغذاء فتفطر لأجل غيرها.
ففي هذه الحال إذا أفطرت فلكونها أفطرت من غير مرض تكفر، ولكونها تطيق الصيام بعد زوال ذلك العذر تصومه، أي تقضي وتطعم، هذا هو المشهور، والرواية التي فيها أنها تطعم وتقتصر على الإطعام رواية ضعيفة، سواء كانت عن ابن عباس أو كانت عن الإمام أحمد لا تثبت، وأن الثابت والمشهور أنه لا بد من القضاء مع الإطعام.نعم.
س: ما قول فضيلتكم فيمن يسمح للخادمة سواء كانت نصرانية أو وثنية بأن تمارس عبادتها وصلاتها في بيت المسلمين وبعيدا عن أنظار الأطفال؟
هذا خطأ؛ وذلك لأنه إذا احتيج إلى استقدام الكفار سواء كانوا رجالا كعمال أو نساء كخدم -اشترط عليهم ألا يظهروا دينهم وألا يعلنوا كفرهم، ولا شك أن إعلانهم يكون منه مزاولة عباداتهم، فالنصارى مثلا يعبدون الصلبان، فإذا كان معه صليب ينصبه ويتمسح به مثلا أو يرسمه على صدره منع من ذلك في بلاد الإسلام، وبالأخص في جزيرة العرب التي هي مهبط الوحي، فيمنع من ذلك.
وكذلك يمنعون من إحداث الأماكن التي يتعبدون فيها، فيمنعون من بناء الكنائس التي هي معابد النصارى، وكذلك البيع والصوامع التي هي متعبدات لهم لليهود والنصارى ونحوهم، وهكذا أيضا متعبدات غيرهم، فالبوذيون لهم عبادات يتعبدون بها ولكن لا يمارسونها في البلاد الإسلامية ولا يقيمون معابدهم ولا يظهرون شعائرهم، كذلك الهندوس الذين هم وثنيون لا يمكنون في بلاد المسلمين من أن يظهروا شيئا من عباداتهم وشركياتهم، بل يمنعوا ذكورا وإناثا.
فهذا الذي يمكن تلك الخادمة أو ذلك السائق مثلا من أن يزاول عبادته أو صلاته أو شركه أو كفره في بيته -مخالف للشروط التي تشترط على الوافدين وعلى جميع العمالة الذين يأتون بهذا السبب؛ لأنهم ما أتوا إلا لحاجتهم، يعني: فاقتهم وفقرهم دفعهم إلى أن يذلوا أنفسهم ويأتوا كخدام يخدمون بأجرة، فما داموا أنهم أذلة فينبغي أن نزيد في إذلالهم وأن نبعدهم عن دينهم؛ حتى يشعروا بعزة الإسلام وحتى يشعروا بذلهم هم وبهوانهم وحقارتهم؛ فهذا الذي يمكن الخادمة من مزاولة عبادتها قد فعل خطأ، فعلينا أن ننتبه لذلك وننبه الإخوة.نعم.
س: وأيضا جملة من الأسئلة حول المرأة تؤخر نزول حيضتها مثلا في رمضان أو في العشر الأواخر منه بتناول حبوب مانعة لذلك. فما حكم ذلك؟ وهل انحباس الدم بهذه الصورة يؤثر؟
هو بلا شك كما ذكر الأطباء أن احتباس الدم يؤثر على صحتها، وأن هذا الدم دم طبيعة وجبلة ترخيه الرحم في أوقات محددة، وخروجه على عادته وهيئته لا شك أنه خروج دم فاسد لا فائدة في بقائه، ولكن قد يكون هناك أدوية تحبسه في عروقه، وتمسكه في الرحم أو في البطن أو في أماكنه التي يتحلل منها. وهذه الأدوية أجاز العلماء استعمالها لمناسبة ولسبب ولحاجة.
وأفتى كثير منهم باستعمالها للمرأة التي تخاف الحيض في الحج وتخشى أن تحبس رفقتها؛ فيجوز لها أن تأكل ما يمنع الحيض حتى لا تحبسهم وتؤخر الرفقة فيضروا بأنفسهم، هذا مسوغ؛ يعني عذر، ولكن شرط ذلك أن لا يكون في استعمال هذه الحبوب أو هذا الدواء ضرر على صحتها.
أما بالنسبة إلى استعمالها في رمضان، إذا كانت تأتيها في رمضان، وتعرف أنها إذا أتتها أفطرت أياما، وثقل عليها القضاء فنقول: إذا كان قصدها من حبس هذا الدم هو مجرد الصوم، وتقول: لا أريد أن أفطر؛ فإن القضاء يشق علي، أريد أن أصوم مع أخواتي حتى يسهل الصوم معهم، فإن صومي وحدي فيه كلفة ومشقة، وصومي معهم أقوم معهم إذا قاموا وأتسحر وأمسك كما يمسكن وأبقى على صيامي بقية يومي كما يبقون، ولا يكون علي دَين يثقل علي. فأشير بألا تفعل ذلك لهذا الغرض، بل تترك الحيض على عادته وتحيض كما يحيض غيرها وتقضي كما يقضي غيرها.أما إذا كان لها قصد أعلى من ذلك فلا بأس.
إذا كان قصدها من استعمال الحبوب أو المانع مانع الحيض أن تصلي مع المصلين، أو أن تعتمر مع من يعتمر، أو أن تصوم وتقرأ القرآن في المصحف أو في خارج المصحف؛ يعني قصدها عبادات لا تحصل لها مع الحيض قراءة القرآن، ومس المصحف، والعمرة مثلا، والصلاة ودخول المساجد، وحضور المحاضرات وما أشبهها، تفوت عليها إذا كانت حائضا، فتقول: أستعمل هذه الحبوب أو هذا الدواء؛ حتى يمنع الحيض، وحتى أتمكن من فعل هذه العبادات. فلعل ذلك يكون مبررا، ويجوز بهذه النية إن شاء الله.
س: ما القول فيما يقوله بعض الناس بعد الأكل أن يجعل ثواب هذا لفلان أو فلان من الموتى أو أيضا ما هو معروف عند الناس مما يسمى مثلا عشا الوالدين أو نحوه؟
الصدقة بلا شك أنها تصل إلى الميت، إذا تصدقت وجعلت أجرها لأبويك أو لأمواتك فلا بأس بذلك، سواء كانت تلك الصدقة مالا يعني نقودا تدفعها للفقراء الذين تحل لهم الصدقة، أو طعاما بأن تدعوهم إلى طعام ليأكلوا، وتقول: اللهم اجعل ثواب هذا الطعام الذي تصدقت به أو أطعمته اجعل ثوابه لأبويَّ أو لأمواتي أو نحو ذلك.
إطعام المساكين لا شك أن فيه أجرا، قال تعالى: وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا فدل على أنهم بإطعامهم هذا يريدون الثواب، ولهذا يقولون: إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا لكن إذا كان الإطعام لغير المساكين كالإخوة والأقارب ونحوهم والجيران؛ يعني لم يكن الذين تطعمهم أو تعشيهم أو تفطرهم مثلا أو تسحرهم لم يكونوا من الفقراء الذين هم أهل الصدقة، وإنما هم أقاربك وعشيرتك وجيرانك وزملاؤك.
ففي هذه الحال معروف أنك تطعمهم كرامة لا صدقة، أن هذا إنما هو لأجل الكرم ولأجل الأخوة ونحو ذلك، وهذا يهون على كثير النفقة في ذلك، فيستزير زملاءه ويحصل مثلا أكل في ضيافتهم وفي طعامهم وهو ما عليه أن يطعمهم وأن يقدم لهم أنواع المشتهيات. معلوم أن القصد في ذلك هو الكرامة لا أنه قصد الصدقة، فإذا كان كذلك فماذا يقدم؟ وما هو الثواب الذي يجعله لوالديه؟ هو ما قصد الثواب، وإنما قصد الكرامة مثلا والضيافة والزيارة وما أشبه ذلك، فهذا لا يحتاج إلى أن يقول: اللهم اجعل ثوابه لأبوي أو نحو ذلك.
أما ما يسمى بعشاء الوالدين، فهذا فيه أجر إذا كان يطعم من هم أحق بالإطعام أو من هم مستحقون، وكان هذا معروفا في هذه البلاد منذ القدم إلى قرابة مثلا ثلاثين سنة أو عشرين سنة، وهم يفعلون ذلك كل أسبوع أو كل يوم. بعضهم إذا دخل رمضان فكل أسبوع مثلا يجتمعون عند أحدهم، يجمع أقاربه ويجمع جيرانه ويضيفهم ويقدم لهم لحما شهيا ويقول: هذا عشاء الوالدين؛ يعني أجره لوالديه، ولكنهم غالبا يشتهون الطعام الذي هو اللحم لقلته، واللحم في تلك السنوات كان قليلا، إنما يأخذه أو يأكله أحدهم في الأسبوع مرة أو في الأسبوعين، وربما لا يتيسر لبعضهم إلا في أيام الأضاحي ونحوها.
ففي تلك الحال لا شك أن الطعام له وقع، وأن النفوس تشتهي هذا الأكل، وأن الأغلب أنهم فقراء وذوو حاجة، فإذا نوى بإطعامه أقاربه وجيرانه الذين هم محتاجون وجعل ثواب ذلك لوالديه نفعهم ذلك إن شاء الله. أما في هذه الأزمنة، فما دام أن الغالب أن كل بيت فيه ثلاجة وفيها لحوم مثلا، وأن أهل كل بيت لا يأكلون غداء ولا عشاء غالبا إلا وفيه لحم، فما الصدقة فيه؟ ماذا تؤثر فيهم وهم عندهم اللحوم، وعندهم أنواع الأطعمة؟ فهؤلاء لا يقال فيهم: صدقة، ولكن يقال: كرامة وضيافة.
س: وأيضا أسئلة حول الشعر وقصه بالنسبة للمرأة وما حد ذلك؟ وصبغ أيضا الشعر بألوان متعددة، يعني تغيير صورته.
لا يجوز قص الشعر للمرأة؛ وذلك لأنه من تمام الزينة، من تمام زينتها توفير شعرها، ولم يزل الأمهات والجدات وكذلك المسلمات في كل زمان حتى قبل الإسلام يمتدحن ويمدحن بطول الشعر وبتربية شعر الرأس وأن ذلك زينة لها وجمال. وورد نهي النساء عن حلق الشعر حتى في النسك الذي هو من جملة العبادات، حلق الشعر عند التحلل من الإحرام عبادة من العبادات، ولكن منعت منه المرأة؛ لأنها مأمورة بإبقاء شعرها، وأمرت بأن تأخذ من كل ضفيرة قدر أنملة، وهذا دليل على أنها تجمع رأسها وتوفر شعرها ولا تأخذ منه شيئا، وإنما عند التحلل تقص من كل قرن قدر أنملة؛ أي رأس الإصبع، وأنه يبقى شعرها حتى بعد موتها.
ذكرت أم عطية لما غسلت زينب بنت النبي صلى الله عليه وسلم تقول: فضفرنا شعرها ثلاثة قرون وألقيناه خلفها وهذا دليل على أنهن كن يربين الشعر وأنه يجعل ضفائر أي قرون، كل ضفيرة تفتل وحدها وتلقيها، وقد تكون للمرأة عدة ضفائر خمس ضفائر يعني خمسة قرون أو أكثر أو أقل، لا شك أن ذلك دليل على افتخار المرأة بهذا الشعر وبقائه، وأنه من كمال زينتها.
لكن يرخص في ذلك إذا بلغت المشيب وأيست من النكاح، وثبت أن أمهات المؤمنين بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم لما أيسن من النكاح كن يأخذن من شعورهن حتى يكون كالجمة، يعني أنها تقص من شعرها لأنها أيست من أن تتجمل للأزواج، فتتركه إلى أن يكون كالجمة، يعني إلى أن يصل إلى المنكب أو نحو ذلك. فأما من هي في ذمة زوج أو ترجو النكاح فلا يجوز لها أن تقص منه، بل تتركه على حالته، ولو زين لكثير ممن قلدوا الغرب، ولو زين لكثير ممن استحسنوا ما هو مستقبح، زين لكثير من الأزواج أن جمال المرأة في أن تقص ناصيتها، وأن تقص من جوانب رأسها أو ما أشبه ذلك، لا شك أن هذا مخالف للجمال الفطري الصحيح؛ فلا يجوز أن يركن إليه.
وأما الصبغ صبغ الشعر فيجوز إذا كان الشعر أبيض فيصبغ بالحناء، يجوز لها إذا كان قد شاب شعرها وانقلب أبيض أن تحمره بالحناء فقط، وأما الأصباغ الكثيرة التي تقلب الشعر وهو أسود فتجعله أحمر أو أزرق أو أخضر أو ملونا فهذا أيضا لا يجوز؛ وذلك لأنه تغيير لخلق الله، والله تعالى قد ذم الذين يفعلون ذلك وذكر أنه من عمل الشيطان في قول الشيطان: وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وكذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: لعن الله المتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله .
س: وأيضا جملة من الأخوات يسألن عن وجود التلفاز في البيت وأنهن يحرصن على مقاطعته، ولكن يترتب على ذلك مقاطعة أهل البيت يعني أوقاتا طويلة، وقد يترتب ملل، وفي النهاية قد تضطر إلى الجلوس أمامه. أفتونا أثابكم الله في ذلك.
ننصح بالابتعاد عن الصور وعما يشبه تلك الصور، ولا شك أن التلفاز في هذه الأزمنة يحمل صورا قد تكون فاتنة، فتظهر فيه المرأة أمام الرجال وهي سافرة متبرجة متجملة، وذلك ما يفتن الرجال، ثم تتكلم أمامهم وهم ينظرون إلى صورتها، كذلك يظهر الرجل أمام النساء وهو متجمل في غاية الجمال وفي غاية الشباب، وقد تكون النساء مثلا عزابا لم تتزوج المرأة ونحو هذا، فيكون ذلك أيضا سببا للفتنة، زيادة على ما يكون فيه من التمثيلات التي هي ملهية وقاطعة للوقت بغير فائدة، زيادة على ما هناك من الأغنيات التي تحمل في كلماتها شيئا مما يثير الغرام ويدفع إلى تناول الشهوات المحرمة أو المكروهة.
ولما كان كذلك فإننا ننصح بعدم اقتنائه أو بالابتعاد عنه، فإذا كان موجودا في البيوت فالمرأة أو الرجل الذي يريد نجاة نفسه يتجنب جلوسا أمامه، وإذا اضطر إلى الجلوس مع أهله فإن عليه أن يكلفهم بأن يطفئوه ولا يشتغل وهو مقيم معهم، هذا بالنسبة إلى من لا يستطيع، والأولى مثلا أنه يحاول إخراجه وتطهير البيت حتى يكون مما فيه خير بدل ما فيه شر أو ما فيه لهو ولعب. وإذا لم يستطع فعليه الاعتزال، المرأة مثلا التي تريد نجاة نفسها تعتزل في حجرتها مثلا، وكذلك الرجل يعتزل في حجرة له، ويتركهم بعد ما ينصحهم إذا لم يقبلوا نصحه.
س: ما هي الطريقة المثلى للمرأة أن تطلب بها العلم ؟
وسائل العلم والحمد لله في هذه الأزمنة متوفرة، والمدارس التي أسستها الحكومة فيها علوم متوفرة قائمة بالواجب، والذين تولوا المناهج وتقريرها ممن يوثق بهم، سواء كانت تلك العلوم مما يتعلق بالعقيدة أو مما يتعلق بالأعمال أو بالأحكام أو بالآداب أو نحو ذلك، فدراستها حتى مع دراسة الأمهات تزداد بذلك علما، هذه طريقة. والطريقة الثانية: هي أن تقرأ في الكتب، فالكتب والحمد لله متوفرة، بدل ما كانت قلة قبل ستين أو سبعين سنة لا ينالها إلا القليل، لكنها والحمد لله توفرت وكثر طبعها ونشرها وأصبح كل بيت فيه عدد من الكتب.
ففي إمكان الرجل أو المرأة أن يقرأ ما يتيسر من الكتب في أوقات فراغه، سواء في كتب الأحكام في الحلال والحرام والعبادات والمعاملات، أو في كتب الآداب التي هي آداب الدين الآداب الدينية والأخلاق ونحوها، أو في كتب العقائد والتوحيد وما يتعلق به، أو في كتب الترغيب والترهيب والوعد والوعيد والجنة والنار والرقائق وما أشبه ذلك، موجودة، في إمكان المرأة كالرجل أن يتناول أي كتاب ويقرأ فيه، يجد أبوابه مفصلة موضحة، فيستفيد من القراءة. والطريقة الثالثة: هي الاستماع إلى المحاضرات ونحوها، ففي إمكان المرأة كالرجل أن تحضر المحاضرات العامة التي يكون فيها أماكن مخصصة للنساء وتستفيد كما يستفيد الرجل، وتلك الفائدة تبقى آثارها معها.
وهناك طريقة رابعة: وهي الاستماع إلى الأشرطة؛ وذلك لأنها والحمد الله تيسرت وحصل بها تأثير ونفع عظيم، فما دام أن المحاضرات وكذلك الندوات ونحوها تسجل وتباع في الأماكن بثمن يسير؛ في إمكان المرأة أن تستمع، حتى ولو كانت تشتغل في بيتها، حتى ولو كانت تغسل ثياب أولادها، أو تصلح طعام أولادها أو زوجها، أو تشتغل بكنس دارها أو نحو ذلك؛ تستمع وتستفيد. هكذا أيضا طريقة خامسة أو سادسة: وهي الاستماع إلى الإذاعة التي فيها علوم موفقة كإذاعة القرآن، فإن فيها خيرا كثيرا سماع كلام الله وسماع الكلمات التي تتعلق بكلام الله والتي تتعلق بالنصائح والمواعظ، والطرق والحمد لله كثيرة.نعم.
س: ما قول فضيلتكم فيمن يرتكب محظورا من محظورات الصيام جهلا منه منذ سنوات؟ وأيضا مثلا كمن لا يغتسل عن الجنابة وبذلك يصلي وهو جنب ؟ ما قولكم في ذلك؟
لا شك أنه مفرط، فإنه لا يجوز للإنسان أن يقدم على العمل وهو لا يدري ما عاقبته، وإن المسلم الذي نشأ بين المسلمين وفي بلاد الإسلام لا يمكن أن يتجاهل إلا عن تفريط، إن كان مثلا يصلي بلا وضوء فهو تفريط منه، يرى المسلمين يتوضئون ويرى أماكن مكتوب عليها أنها أماكن الوضوء في كل مسجد مثلا، وكذلك أيضا يقرأ القرآن ويسمع القرآن وأن فيه التعليمات التي منها إزالة الأحداث كبيرها وصغيرها، ومنه قول الله تعالى: وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا ؛ فلا يجوز الإقامة على مثل هذه الحال، وهكذا أيضا إذا صام عليه أن يتذكر أو يتعلم ما الذي يجب عليه في هذا الصيام تركه؟
وبكل حال لو قدر مثلا أنه فعل شيئا يفسد الصيام ولم يشعر كالاستمناء مثلا كما يفعله كثير من الشباب في نهار رمضان، أو أن يباشر امرأته ويُنزل ويعتقد أن ذلك لا يفسد الصيام مثلا، أو أن يجامع ويعتقد أن ذلك ليس علة، ليس عليه إلا مجرد أن يقضي ذلك اليوم ولا يكفر أو ما أشبه ذلك، فمثل هذا لا بد عليه من أن يعرف الحكم ويعمل به، فإن كان عليه كفارة من جماع بادر وأخرج تلك الكفارة، وإن كان عليه قضاء ذلك اليوم الذي أفسده بالاستمناء أو بتكرار النظر أو بالمباشرة ونحو ذلك بادر وقضى ذلك اليوم، وإذا كان قد مضى عليه سنوات سنة فأكثر أطعم مع القضاء مسكينا عن كل يوم وكذلك بقية الأحكام.
أما بالنسبة للصلوات فإن كانت كثيرة وبقي مثلا لا يغتسل من الجنابة لمدة أشهر أو لمدة سنوات جهلا منه وإعراضا وعدم اهتمام، فلعله يقال له: أصلح عملك في المستقبل وتب إلى الله وأكثر من النوافل. أما كوننا نلزمه بقضاء الصلاة سنة أو سنتين فإن في ذلك مشقة وتنفيرا عنه، ولكن لعله يكتفى بأن يكثر من النوافل، ويحافظ على الصلاة في بقية حياته، ويحافظ على الطهارة من الحدثين.
س: من أخر قضاء رمضان حتى رمضان الآخر ؛ ما عليه؟
إذا كان لعذر كأن كان مريضا أحد عشر شهرا وهو على فراشه لم يستطع أن يصوم هذه المدة فليس عليه إلا القضاء، وأما إذا كان تفريطا وإهمالا وهو قادر فإن عليه مع القضاء إطعام مسكين كفارة عن التفريط.
س: وردت يعني أخيرا جملة كبيرة من الأسئلة حول الكعب العالي والعدسات الملونة واللبس الضيق وأن تتعلل النساء بأنه بين نساء مثلهن ؛ ما قول فضيلتكم؟
ننهى عن ذلك، فالكعب العالي لا شك أنه تقليد، ما عرف إلا بعدما جاء بعض النساء الكافرات أو المقلدات للكافرات فأخذن يلبسن هذا، وترفع المرأة كعبيها وليس لها قصد إلا أن تقلد هؤلاء، وقد يكون في ذلك خطر بأنها إذا مشت وذلك الكعب مرتفع مثلا شبرا أو نحو ذلك سبب ميلا في المشي وربما سقطت وربما تعبت، ثم أيضا يبقى قدمها دائما وهو على هذا الامتداد، وربما إذا خلعته وأرادت أن تمشي إذا قدماها متأثران بمسيرها على ذلك الكعب العالي، وبكل حال زيادة عن الخطر فالأصل أنه لا يجوز لكونه تقليدا بلا فائدة.
وأما العدسات فلا شك أن فيها تغييرا لخلق الله؛ فلا يجوز استعمالها سواء كان لرجل أو امرأة، والمرأة التي تركب هذه العدسات في حدقة العين تقصد بذلك أن يظهر لون العينين، وهو مغاير للون الطبيعي بخضرة مثلا أو بلون جذاب أو نحو ذلك، فنقول: لا يجوز لها ذلك ولو كان يأمرها زوجها أو يستحسن ذلك منها.
وكذلك ما يفعله النساء ولو كان بين النساء، نقول: لا يجوز لها أن تفعل ما في هذا التقليد من الألبسة الضيقة التي تبين تفاصيل حجم أعضائها أو الألبسة الشفافة ولو كانت بين نساء، فإن ذلك يصير ديدنا وعادة متبعة بحيث إنها تألف ذلك وتستحسنه وتستثقل اللباس الواسع الذي لم تتعود عليه، ولو كان ذلك اللباس الذي لبسته أمام النساء فقط أو أمام محارمها أو ما أشبه ذلك.
بل المرأة إذا صلت وهي وحدها تؤمر بأن تستر نفسها ولو لم يكن عندها أحد، فلا يظهر منها إلا وجهها، تستر حتى كفيها وحتى أظافر قدميها، وتلبس ثوبا واسعا حتى لا تتميز بشيء من أعضائها ولو كانت في بيت مظلم، وكذلك أيضا لا تتفرج كما يتفرج الرجل، يعني بإبعاد مثلا عضديها عن جنبيها بالتجافي، بل تضم نفسها، كل ذلك حرص على أن لا تتعود على هذه العادة التي فيها شيء من التبرج أو فيها شيء من إظهار المحاسن أو نحو ذلك.
أيها الجمع الكريم، باسمكم جميعا نشكر فضيلة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين على تلبيته هذه الدعوة، وتحمله في سبيل ذلك وتركه كثير من مشاغله، نسأل الله جل وعلا ألا يحرمنا وإياه أجر ذلك، وأن يجعله في موازيننا جميعا يوم القيامة.

line-bottom